فصل: ما وقع من أحداث سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء (نسخة منقحة)



.ما وقع من أحداث سنة إحدى وأربعين وسبعمائة:

ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وسبعمائة:
فيها في المحرم، وسط بدمشق- طغية وجنغية- من أصحاب تنكز، وكانا ظالمين.
وفيها غزل طرغاي عن حلب، وكان على طمعه يصلي ويتلو كثيراً.
وفيها توفي الشيخ محمد بن أحمد بن تمام، زاهد الوقت بدمشق.
وتوفي الملك الوك ابن الملك الناصر وكان عظيم الشكل.
وفيها ضربت رقبة عثمان الزنديق بدمشق على الإلحاد، والباجر بقية، سمع منه من الزندقة ما لم يسمع من غيره، لعنه الله.
وتوفي الأمير صلاح الدين يوسف ابن الملك الأوحد، وكان من أكابر أمراء دمشق، ومن بقايا أجواد بني شيركوه، وكان تنكز على شممة بدمشق ينزل إلى صيافته كل سنة، فينفق على ضيافة تنكز نحو ستين ألف درهم.
وفيها توفي السلطان الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون الصالحي، رحمه الله تعالى، وله ستون سنة، بعد أن خطب له ببغداد والعراق وديار بكر والموصل والروم، وضرب الدينار والدرهم هناك باسمه، كما يضرب له بالشام ومصر، وحج مرات، وحصل لقلوب الناس بوفاته ألم عظيم، فإنه أبطل مكوساً، وكان يستحيي أن يخيب قاصديه، وأيامه أيام أمن وسكينة، وبنى جوامع وغيرها، لولا تسليط لؤلؤ والنشر على الناس في آخر وقته، وعهد لولده السلطان الملك المنصور أبي بكر، فجلس على الكرسي قبل موت والده، وضربت له البشائر في البلاد. ولي من تهنئة وتعزية في ذلك:
ما أساء الدهر حتى أحسنا ** رق فاستدرك حزناً بهنا

بينما البأساء عمت من هنا ** وإذا النعماء عمت من هنا

فبحق أن يسمى محزناً ** وبصدق حين يدعى محسنا

فلئن أوحشنا بدر السما ** فلقد آنسنا شمس السنا

علماً أبدله من علم ** ظاهر الإعراب مرفوع البنا

فجزى الله بخير من نأى ** ووقى من كل ضبر من دنا

أجل والله، لقد أساء الدهر وأحسن، وأهزل وأسمن، وأحزن وسر، وعق وبر، إذ أصبح الملك وباغه بفقد الناصر قاصراً قد ضعفت أركانه، ومات سلطانه، فماله من قوة ولا ناصر، فأمسى بحمد الله وقد ملأ القصور بالمنصور سروراً، وأطاعه الدهر وأهله، فلا يسرف في القتل، إنه كان منصوراً.
وفيها ورد إلى حلب زائراً صاحبنا التاج اليماني عبد الباقي بن عبد المجيد بن عبد الله النحوي اللغوي، الكاتب العروضي، الشاعر المنشئ، وجرت معه بحوث، منها مسألة نفسية، وهي: ما لو قال له: عندي اثنا عشر درهماً وسدساً، كم يلزمه؟ فاستبهمت هذه المسألة على الجماعة، فيسر الله لي حلها فقلت: يلزمه سبعة دراهم، إذ المعنى اثنا عشر دراهم وأسداساً، فيكون النصف دراهم؛ وهي ستة دراهم، والنصف أسداساً وهي ستة أسداس بدرهم، فهذه سبعة.
ولو قال اثنا عشر درهما وربعاً لزمه سبعة ونصف.
ولو قال اثنا عشر درهما وثلثاً، لزمه ثمانية، أو ونصفا فتسعة، وهكذا. ومما أنشدني لنفسه قوله:
تجنب أن تذم بك الليالي ** وحاول أن يذم لك الزمان

ولا تحفل إذا كملت ذاتاً ** أصبت العز أم حصل الهوان

بخلت لواحظ من أتانا مقبلاً ** بسلامها ورموزهن سلام

فعذرت نرجس مقلتيه لأنها ** تخشى العذار فإنه نمام

وفيها نقل طشتمر حمص أخضر، من نيابة صفد إلى نيابة حلب.
وفيها في ذي الحجة، وصل إلى حلب الفيل والزرافة، جهزهما الملك الناصر قبل وفاته لصاحب ماردين.
وفيها فتح علاء الدين أيدغدي الزراق، ومعه بعض عسكر حلب، قلعة خندروس، من الروم كانت عاصية وبها أرمن وتتر يقطعون الطرقات.
وفيها صلي بحلب صلاة الغائب على الشيخ عز الدين عبد المؤمن بن قطب الدين عبد الرحمن ابن العجمي الحلبي، توفي بمصر، وكان عنده تزهد وكتب المنسوب.
وفيها توفي بإياس نائبها الأمير علاء الدين مغلطاي الغزي، تقدمت له نكاية في الأرمن، ونقل إلى تربته بحلب.

.ما وقع من أحداث سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة:

ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة:
في المحرم منها، بايع السلطان الملك المنصور أبو بكر، الملك الناصر الخليفة الحاكم بأمر الله أبا العباس أحمد ابن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان، كان قد عهد إليه والده بالخلافة، فلم يبايع في حياة الملك الناصر، فلما ولي المنصور، بايعه، وجلس معه على كرسي الملك، وبايعه القضاة وغيرهم. وفيها في صفر، توفي شيخ الإسلام، الحافظ جمال الدين يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن المزي الدمشقي بها، منقطع القرين في معرفة أسماء الرجال، مشاركاً في علوم، وتولى مشيخة دار الحديث بعده قاضي القضاة تقي الدين السبكي.
وفيها في صفر خلع السلطان الملك المنصور أبو بكر ابن الملك، واحتج عليه قوصون الناصري، ولي نعمة أبيه. بحجج، ونسب إليه أموراً وأخرجه إلى قوص، إلى الدار التي أخرج الملك الناصر، والده الخليفة المستكفي إليها، جزاءً وفاقاً، ثم أمر قوصون والي قوص فقتله بها، وأقام في الملك أخاه الملك الأشرف كجك، وهو ابن ثمان سنين فقلت في ذلك:
سلطاننا اليوم طفل والأكابر في ** خلف وبينهم الشيطان قد نزغا

وكيف يطمع من مسته مظلمة ** أن يبلغ السؤل والسلطان ما بلغا

وفيها في جمادى الآخرة، جهز قوصون مع الأمير قطلبغا الفخري الناصري عسكراً لحصار السلطان أحمد ابن الملك الناصر بالكرك، وسار الطنبغا نائب دمشق، والحاج أرقطاي نائب طرابلس، بإشارة قوصون، إلى قتال طشتمر بحلب، لكون طشتمر أنكر على قوصون ما اعتمده في حق أخيه المنصور أبي بكر، ونهب الطنبغا بحلب مال طشتمر، وهرب طشتمر إلى الروم، واجتمع بصاحب الروم أرتنا، ثم إن الفخري عاد عن الكرك إلى دمشق بعد محاصرة أحمد بها أياماً، وبعد أن استمال الناصر، أحمد الفخري، فبايعه، ولما وصل الفخري إلى دمشق، بايع للناصر من بقي من عسكر دمشق المتأخرين عن المضي إلى حلب، صحبة الطنبغا. هذا كله والطنبغا ومن معه بالمملكة الحلبية.
ثم سار الفخري إلى ثنية العقاب، وأخذ من مخزن الأيتام بدمشق أربعمائة ألف درهم، وكان الطنبغا قد استدان منه مائتي ألف درهم، وهو الذي فتح هذا الباب، ولما بلغ الطنبغا ما جرى بدمشق، رجع على عقبه، فلما قرب من دمشق، أرسل الفخري إليه القضاة، وطلب الكف عن القتال في رجب، فقويت نفس الطبنغا وأبى ذلك، وطال الأمر على العسكر، فلما تقاربوا بعضهم من بعض، لحقت ميسرة الطنبغا بالفخري، ثم الميمنة، وبقي الطنبغا والحاج أرقطاي والمرقبي وابن الأبي بكري في قليل من العسكر، فهرب الطنبغا وهؤلاء إلى جهة مصر، فجهز الفخري وأعلم الناصر بالكرك.
وخطب للناصر أحمد بدمشق وغزة والقدس، فلما وصل الطنبغا مصر، وهو قوي النفس بقوصون، قدر الله سبحانه تغير أمر قوصون، وكان قد غلب على الأمر لصغر الأشرف، فاتفق أيدغمش الناصري أمير أخور، ويلبغا الناصري وغيرهما، وقبضوا على قوصون، ونهبت دياره، واختطف الحرافيش وغيرهم من دياره، وخزائنه من الذهب والفضة والجواهر والزركش، والحشر والسروج والآلات ما لا يحصى، لأن قوصون كان قد انتقى عيون ذخائر بيت المال، واستغنى من دار قوصون خلق كثير، وقتل على ذلك خلق، وأرسلوا قوصون إلى الإسكندرية، وأهلك بها.
وقبضوا على الطنبغا وحبسوه بمصر، ولما بلغ طشتمر بالروم ما جرى، رجع من الروم إلى دمشق، فتلقاه الفخري والقضاة، ثم رحل الفخري وطشتمر إلى مصر بمن معهما.
وفيها في شهر رمضان، سافر الملك الناصر أحمد من الكرك، فوصل مصر، وعمل أعزية لوالده وأخيه، وأمر بتسمير والي قوص لقتله المنصور.
وخلع الأشرف كجك الصغير، وجلس الناصر على الكرسي، هو والخليفة، وعقد بيعته قاضي القضاة تقي الدين السبكي، ثم أعدم الطنبغا والمرقبي.
وفيها كسر حسن بن ممرتاش بن جوبان من التتر، طغاي بن سوتاي في الشرق، وتبعه إلى بلد قلعة الروم، فاستشعر الناس لذلك.
وفيها عزل الملك الأفضل محمد ابن السلطان الملك المؤيد، صاحب حماة والمعرة وبارين وبلادهن، ونقل إلى دمشق من جملة أمرائها. تغيرت سيرة الأفضل وما كان فيه من التزهد قبل عزله، وحبس التاج ابن العز طاهر بن قرناص بين حائطين حتى مات، وقطع أشجار بستانه، وظهر في الليل من بعض أعقاب أشجار البستان التي لمعت نور، فما أفلح بعد ذلك.
وتولى نيابة حماة بعده، مملوك أبيه سيف الدين طقزتمر.
وفيها عزل عن قضاء الحنفية بحماة، القاضي جمال الدين عبد الله بن القاضي نجم الدين بن العديم، وتولى مكانه القاضي تقي الدين محمود بن الحكم.
وفيها أهلك طاجار الدواتدار، وكان مسرفاً على نفسه.
وفيها توفي الأفضل صاحب حماة بدمشق، معزولاً، ونقل إلى تربته بحماة، فخرج نائبها للقاء تابوته، وحزن عليه وحلف أنه ما تولى حماة إلا رجاء أن يردها إلى الأفضل، مكافأة لإحسان أبيه.
وفيها في جمادى الأولى، توفي القاضي برهان الدين إبراهيم الرسعني، قاضي الشافعية بحلب، وكان متعففاً، ويعرف فرائض، رحمه الله تعالى.
وفيها في جمادى الأولى أيضاً، عوقب لؤلؤ القندشى، بدار العدل بحلب حتى مات، واستصفى ماله، وشمت به الناس. قلت:
يا لؤلؤ قد ظلمت الناس لكن ** بقدر طلوعك اتفق النزول

كبرت فكنت في تاج فلما ** صغرت سحقت منه كل لولو

وفيها توفي الأمير بدر الدين محمد بن الحاج أبي بكر، أحد الأمراء بحلب، كان من رجال الدنيا، وله مارستان بطرابلس، وارتفع به الدهر وانخفض، ودفن بتربة جامع أنشأه بحلب بباب أنطاكية.
وفيها توفي الخطيب بدر الدين محمد ابن القاضي جلال الدين القزويني، خطيب دمشق، وتولى السبكي الخطابة، وجرى بينه وبين تاج الدين عبد الرحيم أخي الخطيب المتوفي وقائع، وفي آخر الأمر تعصبت الدماشقة مع تاج الدين، فاستمر خطيباً.
وفيها في شهر رمضان، وصل القاضي علاء الدين علي بن عثمان الزرعي، المعروف بالقرع، إلى حلب، قاضي القضاة، ولاه الطاغية الفخري بالبذل، فاجتمع الناس وحملوا المصحف وتضرروا من ولاية مثله، فرفعت يده عن الحكم، فسافر أياماً ثم عاد بكتب، فما التفتوا إليها، فسافر إلى مصر، وحلب خالية عن قاضي شافعي.
وفيها في شوال عم الشام ومصر جراد عظيم، وكان أذاه قليلاً.
وفيها في ذي الحجة، وصل أيدغمش الناصري إلى حلب نائباً بها، في حشمه عظيمة، وأحسن وعدل وخلع على كثير من الناس، وأقام بحلب إلى صفر، ثم نقل إلى نيابة دمشق، وتأسف الحلبيون لانتقاله عنهم. قلت:
يعرف من تقبله أرضنا ** من لزم الأوسط من فعله

لا تقبل المسرف في جوره ** كلا ولا المسرف في عدله

ونقل طقزتمر من حماة إلى حلب، مكان أيدغمش، ودخلها في عشري صفر، وتولى نيابة حماة مكانه الأمير العالم علم الدين الجاولي، ثم نقل الجاولي إلى نيابة غزة، وولي نيابة حماة مكانه آل ملك، ثم بعده الطنبغا المارداني، كل هذا في مدة يسيرة، وجرى في هذه السنة من تقلبات الملوك والنواب، واضطرابهم، ما لم يجر في مئات السنين. قلت:
عجائب عامنا عظمت وجلت ** أعاماً كان أم مائتين عاما

تصول على الملوك صيال قاض ** قليل الدين في مال اليتامى

وفيها في ذي الحجة، وصل إلى حلب القاضي حسام الدين الغوري، قاضي الحنفية بمصر، الوافد إليها من قضاء بغداد، منفياً من القاهرة، لما اعتمده في الأحكام، ولمعاضدته لقوصون، ولسوء سيرته، فإنه قاضي تتر. ولي بيتان في ذم حمام هما:
حمامكم في كل أوصافه ** يشبه شخصاً غير مذكور

شديد برد وسخ موحش ** قليل ماء فاقد النور

فغيرهما بعض الناس فجعل البيت الأول كذا:
حمامكم في كل أوصافه ** يشبه وجه الحاكم الغوري

وتممه بالبيت الثاني على حاله.
وفيها في ذي الحجة، سافر السلطان الناصر أحمد إلى الكرك، وأخذ من ذخائر بيت المال بمصر ما لا يحصى، وصحب طشتمر والفخري مقيدين، فقتلهما بالكرك قتلة شنيعة، وبطول الشرح في وصف جراءة الفخري وإقدامه على الفواحش. حتى في رمضان، ومصادرته للناس، حتى أنه جهز من صادر أهل حلب، فأراح الله العالم منه، وحصن الناصر الكرك، واتخذها مقاماً له.

.ما وقع من أحداث سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة:

ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة:
فيها في المحرم، انقلب عسكر الشام على الملك الناصر أحمد وهو بالكرك، وكاتبوا إلى مصر، فخلع الناصر وأجلس أخوه السلطان الملك الصالح إسماعيل على كرسي بقلعة الجبل، واستناب آل ملك.
وفيها في ربيع الآخر، حوصر السلطان أحمد بالكرك، واحتج عليه أخوه الصالح بما أخذه من أموال بيت المال، وحصل بنواحي الكرك غلاء لذلك.
وفيها في جمادى الآخرة، توفي نائب دمشق أيدغمش، ودفن بالقبيبات، ويقال إن دمشق لم يمت بها من قديم الزمان إلى الآن نائب سواه، وتولاها مكانه طقزتمر نائب حلب.
وفيها في رجب، وصل الأمير علاء الدين الطنبغا المارداني نائباً إلى حلب.
وفيها في شهر رمضان، توفي الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليماني، الأديب، وقد أناف على الستين، وتقدم ذكر وفوده إلى حلب، رحمه الله تعالى، وزر باليمن، وتنقلت به الأحوال، وله نظم ونثر كثير، وتصانيف.
وفيها في شوال، خرج الأمير ركن الدين بيبرس الأحمدي من مصر، بعسكر لحصار الكرك، وكذلك من دمشق، فحاصروا الناصر بها بالنفط والمجانيق، وبلغ الخبز أوقية بدرهم، وغلت دمشق لذلك، حتى أكلوا خبز الشعير.
وفيها وصل علاء الدين القرع إلى حلب، قاضياً للشافعية، وأول درس القاه بالمدرسة قال فيه: كتاب الطهارة باب الميات، فأبدل الهاء بالتاء، فقلت أنا للحاضرين: لو كان باب الميات لما وصل القرع إليه، ولكنه باب الألوف. ثم قال: قال الله تعالى: وجعلها كلمة باقية في عنقه، مكان في عقبه فقلت أنا: لا والله، ولكنها في عنق الذي ولاه. فاشتهرت عني هاتان التنديدتان في الآفاق.
وفيها في ربيع الآخر، عزل الأمير سليمان بن مهنا بن عيسى عن إمارة العرب، ووليها مكانه الأمير عيسى بن فضل بن عيسى، وذلك بعد القبض على فياض ين مهنا بمصر، وكان سليمان قد ظلم وصادر أهل سرمين، وربط بعض النساء في الجنازير، وهجم عبيده على المخدرات، فأغاثهم الله في وسط الشدة، ثم أعيد بعد مدة قريبة إلى الإمارة.
وفيها توفي بحلب الأمير الطاعن في السن، سيف الدين يلبصطي التركماني الأصل، رأس الميمنة بها، وكان قليل الأذى، مجموع الخاطر.
وفيها توفي بحلب طنبغا حجي، كان جهزه الفخري إليها نائباً عنه في أيام خروجه بدمشق، وهو الذي جبى أموالاً من أهل حلب، وحملها إلى الفخري، وأخذ لنفسه بعضها وباء بإثم ذلك.
وفيها توفي بحلب، الشيخ كمال الدين المهمازي، كان له قبول عند الملك الناصر محمد، ووقف عليه حمام السلطان بحلب، وسلم إليه تربة ابن قراسنقر بها، وكان عنده تصون ومروءة. قلت:
لوفاة الكمال في العجم وهن ** فلقد أكثروا عليه التعازي

قل لهم لو يكون فيكم جواد ** كان في غنية عن المهمازي

وفيها في رجب، اعتقل القرع بقلعة حلب معزولاً، ثم فك عنه الترسيم وسافر إلى جهة مصر.
وفيها في رجب، توفي بطرابلس نائبها، ملك تمر الحجازي، ووليها مكانه طرغاي، وفيه تولى نيابة حماة يلبغا التجباوي.
وفيها في شعبان، وصل القاضي بدر الدين إبراهيم بن الخشاب على قضاء الشافعية بحلب، فأحسن السيرة.
وفيها توفي بحلب الحاج علي بن معتوق الدبيسري، وهو الذي عمر الجامع بطرف بانقوسا، ودفن بتربته بجانب الجامع.
وفيها توفي بهادر التمرتاشي بالقاهرة، وكان بعد وفاة الملك الناصر، الأمراء الغالبين على الأمر.